للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقومان مقامهما في الحكم"، وليس هما شهيدين حقيقة؛ لأن هذا اسم لشخصين، والرجل و [المرأتان] (١) ثلاثة أشخاص.

وأما قوله تعالى: ﴿فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ أي تجعلها في حكم الذكر؛ فإنه محال (٢)؛ لأنَّهُ لا يخلو أن يكون كل واحد منهما يجعل الأخرى في حكم الذكر، ويكون ذلك منهما جميعا في حال واحدة، فيجب أن يصيرا في حكم ذكرين، ولو صارا في حكم ذكرين؛ استغنيا عن دخول رجل معهما، فإن كانت إحداهما تصير الأخرى في حكم ذكر في حال الانفراد في إحداهما عن الأخرى؛ فإحداهما إذن في حكم الذكر، ولو كانت إحداهما في حكم ذكر؛ لاستغني بها مع الذكر، ولا يكون للأخرى تأثير في الحكم ولا في ثبوته، وإنما تدخل لتصير الأخرى في حكم ذكر، ولا تكون لها هي تأثير في إثبات الحكم، فثبت أن معنى ﴿فَتُذَكِّرَ﴾ بالتشديد إنما هو لتكرار التذكر لما وقع نسيان في شيء مما يشهدان به، و"تذْكر" بالتخفيف إذا وقع في شهادة واحدة.

وعلى أن هذا لو ثبت؛ لكان مخصوصا في المداينات والأموال؛ لأنَّهُ أخفض مرتبة من الأبدان، فيجوز فيها ما هو في حكم الذكر وإن لم يكن ذكرا في الحقيقة، كما جاز فيها الحكم عندكم بالنكول (٣)، وبالنكول واليمين، والشاهد واليمين عندنا، ولم يجز شيء من ذلك في النكاح، فكذلك لا تجوز فيه المرأة وإن كانت في حكم الذكر.


(١) في الأصل: المرأتين.
(٢) وهو مروي عن أبي عمرو بن العلاء، وقال ابن عطية: "وهذا تأويل بعيد غير فصيح، ولا يحسن في مقابلة الضلال إلا الذكر". المحرر (٢/ ٥١١ - ٥١٢).
(٣) أي الامتناع عن اليمين. المصباح المنير (٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>