للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأمر بإيقاع النكاح عليهم وهو بأن يُنكَحوا، والأمر ظاهره الوجوب لنا، فقامت الدلالة على أنه لا يجب علينا نحن أن نزوج عبيدنا (١)، فحُمل على الندب، ولم يمكن أن نفعل الندب إلا بإجبارهم على النكاح (٢)، وكذلك لو قامت الدلالة فصرفنا الأمر عن الوجوب والندب بقي الجواز، فيجوز لنا أن نُنكح عبيدنا وإن أبوا ذلك (٣).

وأيضا قوله تعالى: ﴿وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا﴾ (٤)، فدليله أنا نُنكح المؤمنين أحرارا كانوا أو عبيدا، رضوا أو كرهوا إلا أن تقوم دلالة؛ لأن إيقاع النكاح أضيف إلينا في أن (٧٧) نفعله بهم.

وأيضا فإنه رقيق يملك بيعه، فوجب أن يكون له إجباره على النكاح، أصله الأمة.

أو نقول: مولى حجره، يملك رقبته ملكا تاما، فإذا لم يرد به ضررا؛ جاز أن يجبره عليه كالأمة.

ولأن السيد أيضًا يُمنع أن يجبره ويكلفه ما لا يطيقه، وما فيه ضرر عليه، ولا ضرر عليه في النكاح، فكان [له] (٥) أن يجبره.


(١) سيأتي البحث فيه في المسألة الآتية.
(٢) لكن الأمر بإنكاحه مختص بحال طلبه، بدليل عطفه على الأيامى، وإنما يزوجن عند الطلب، ومقتضى الأمر الوجوب، وإنما يجب تزويجه عند طلبه. المغني (٩/ ٢٣٠).
(٣) قال ابن حزم: "أما قوله تعالى في إنكاح العبيد والإماء؛ فإنه عطف ﷿ على أمره بالنكاح الأيامى منا، ولم يشترط فيهن رضاهن، فيلزمهم أن يجيزوا بذلك إنكاح الحرة الثيب وإن كرهت إن طردوا أصلهم الفاسد". المحلى (٩/ ٥٧).
(٤) سورة البقرة، الآية (٢١٩).
(٥) ليست في الأصل، والسياق يقتضيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>