وأيضا فإنه شخص يملك رقبته، فوجب أن لا يلزمه تزويجه، دليله الأمة.
فإن قيل: إنما لم يجب عليه تزويج أمته إذا دعت إليه؛ لأنه يستبيح بضعها، ويملك الاستمتاع بها، ويفوته ذلك إذا زوجها، ولا يملك ذلك [في](١) العبد.
قيل: عنه جوابان:
أحدهما: أنه قد يملك من لا يجوز له وطؤها، ومع ذلك لا يجب عليه تزويجها إذا طلبته.
والجواب الآخَر: هو أنه لا فرق بينهما؛ لأنه كما يملك من أمته منفعة الاستمتاع؛ فهو يملك من عبده منفعة الاستخدام، وهو بالتزويج يفوته منفعة الاستخدام؛ لأن منفعته ينصرف أكثرها في تشاغله بزوجته.
فإن قيل: فأنتم لا توجبون النفقة من مكاسبه، ومكاسبه لسيده إلا أن يأذن له في النفقة منها.
قيل: هو كذلك، ولكنه لا بد أن يتشاغل بأمور زوجته، فيقصر فيما يجب عليه ويتوانى، ويشتغل قلبه بها، وربما أضعفه الوطء عن كثرة العمل.
وأيضا فإن النكاح معنى تراد منه اللذة والاستمتاع، فوجب أن لا يجب على السيد ذلك، كسائر أنواع الملاذ من اللباس الفاخر، وما فيه كثرة اللذة من الأطعمة والطيب.