للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنه يحتاج إلى دلالة، وليس إذا خص بشيء في النكاح بدلالة؛ وجب أن يكون مخصوصا في كل شيء منه بغير دلالة.

على أنه لو كان (٩٦) مخصوصا بذلك لقال لها: وما حاجتك إلى الولي، فإني أنا مخصوص بالتزويج بلا ولي، حتى يستفيد ذلك من جهته ويعلمه من حضر، فلما قال لها: "مالك ولي حاضر ولا غائب إلا وهو يرضاني"؛ علم أنه اعتبر الولاية ورضاهم به، ثم لم يقنع بذلك حتى قال لابنها: "قم فزوج أمك".

وأما قولكم: "إنه استطاب قلب عمر"؛ فإن الصبي على قولكم لا يصح منه عقد (١)، ولا لاستطابة قلبه حكم، فعلم أنه اعتبر ولايته وإن كان صغيرًا، فلعله مراهق (٢)؛ لأنه لا يأمر من لا يتعلق عليه حكم بأن يزوج (٣)، ولكنه كان في حكم البالغ العاقل فأمره بذلك.

وقولها: "ما لي ولي حاضر"؛ فيجوز أنها لم تعلم بحضور عمر، ألا


(١) واستدل به الطحاوي على صحة عقود الصبيان كما في شرح مشكل الآثار (٣/ ٥٠١ - ٥٠٢).
(٢) ولاية المراهق عند المالكية على ضربين: إما أن يكون قد أنبت أو لا، فإن كان قد أنبت الشعر؛ فهو على قولين قائمَين من المدونة: أحدهما: أن عقده جائز كالمحتلم، وعليه نص بعض المتأخرين، والثاني: أن عقده لا يجوز. وسبب الخلاف الإنبات هل هو علامة للبلوغ أم لا؟ وظاهر ما قال مالك في "كتاب القطع في السرقة" أن الإنبات من علامات البلوغ. وأما المراهق الذي لم ينبت الشعر؛ فالذي تقتضيه المدونة وظواهرها ونصوص المذهب أن المراهق لا يحكم عليه ولا له بحكم البالغ. مناهج التحصيل (٣/ ٣٣٢ - ٣٣٤).
(٣) تبين مما ذكره البيهقي وابن التركماني أنه كان صغيرًا جدًّا لم يبلغ إلى حال المراهقة. وانظر أيضًا شرح مشكل الآثار (٣/ ٥٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>