للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما كانت ولايته ثابتة عامة حتى إذا توجه له حكم؛ ولّى من يحكم بينه وبين خصمه، كذلك له الولاية في التزويج إذا أذنت له المرأة، سواء كانت أجنبية لا ولي لها وهو وليها كان ينبغي أن يستخلف من يزوجه، كما يستخلف من يحكم بينه وبين خصمه؛ لأنه شيء يخصه.

فلما فرقتم بينه وبين غيره من سائر الحقوق؛ علمنا أنه ليس للضرورة، وإنما جاز لأن الحق لا يخرج عنهما؛ إذ المطلوب في الولاية أن يطلب لها الحظ، وأن لا تضع نفسها في غير كفء، فيدخل العار على الولي، فإذا كان الحق لها وللولي؛ فقد رضيا جميعًا، ولم يحتج فيه إلى غيرهما، ألا ترى أنها لو رضيت بغير وليها ورضيها الولي؛ جاز تزويجه، فكذلك إذا رضيت بالولي ورضيها؛ لم يكن بينهما فرق بحصول رضائها (١٣١) ورضاه مع باقي شرائط النكاح، وكذلك لو لم يكن لها ولي إلا الإمام، ورضيت بغير كفء؛ جاز له أن يزوجها به.

ولنا أيضًا قوله تعالى: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾ (١).

قالت عائشة وابن عباس : "نزلت في يتيمة في حجر وليها رغب في مالها وجمالها، ولم يقسط لها في صداقها، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن في صداقهن" (٢).


(١) سورة النساء، الآية (١٢٧).
(٢) تقدم تخريجه (٥/ ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>