للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فبينت عائشة أنهم مُنعوا من التزويج بهن لأجل أنهم لا يقسطون في صداقهن، فعلم أنهم إذا عدلوا في الصداق؛ جاز لهم أن ينكحوهن (١).

فإن قيل: لعمري إن مفهوم ذلك أنهم إذا أقسطوا لهن في الصداق؛ جاز أن ينكحوهن، ونحن نقول: يجوز أن يُنكحها، ولكن معنى يُنكحها أن يقبل نكاحها، ولم نقل يقبل نكاحها من نفسه أو من غيره.

قيل: الظاهر لم يفرق بين أن يقبل من نفسه أو من غيره، فمن فرق بينهما؛ احتاج إلى دليل، ولولا أن القبول من نفسه لم ينه عن ذلك إذا لم يقسط في المهر؛ لأن غيره لا يزوجه إذا نقص من المهر؛ لأنه لا يخلو إذا كانت في حجره من أن يرد أمرها إلى غيره سوى الحاكم؛ فإنه يكون واليًا من قبله يزوجه بولايته، فيجيء من هذا جوازه من نفسه، أو يزوجه الحاكم، فالحاكم العدل [يقسط] (٢) في صداقها، فعلم أنهم نهوا أن يزوجوا أنفسهم بهن إذا لم يقسطوا في صداقهن، وأنهم إذا عدلوا؛ جاز ذلك.

فإن قيل: إنها لا تسمى يتيمة إلا قبل البلوغ، ولا يجوز للولي أن يزوج يتيمة قبل البلوغ من نفسه ولا من غيره (٣).


(١) قال ابن حجر: "وبه احتج محمد بن الحسن على الجواز؛ لأن الله تعالى لما عاتب الأولياء في تزويج من كانت من أهل المال والجمال بدون سنتها من الصداق، وعاتبهم على ترك تزويج من كانت قليلة المال والجمال؛ دل على أن الولي يصح منه تزويجها ولو كانت صغيرة؛ لأنه أمر أن يقسط لها في الصداق، ولو كانت بالغة؛ لما منع أن يتزوجها بما تراضيا عليه، فعلم أن المراد من لا أمر لها في نفسها". الفتح (١١/ ٤٧١).
(٢) في الأصل: لا يقسط.
(٣) أجيب باحتمال أن يكون المراد بذلك السفيهة، فلا أثر لرضاها بدون مهر مثلها كالبكر. المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>