للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه؛ فإننا نقول: تفرده بروايته لا يرد خبره؛ لأنه لو كان هكذا؛ لوجب أن لا يقبل خبر [انفُرد] (١) بروايته، ومع أنه كذلك؛ فإنه لم [يخف] (٢) نقله على الصحابة، ولولا ذلك ما وصل إلينا نحن، وما أنكره واحد من الصحابة، وإذا لم ينقل إنكاره؛ دل على صحته.

والأخبار مستعملة على ظواهرها لا ترد إلا بأن ينكرها من يقبل نكيره.

وأما اختلاف المتن؛ فإن اختلفت الألفاظ والمعنى واحد؛ لم يضر؛ لأن قوله: "اقتلوا من جرت عليه المواسي" (٣)؛ كناية عن من أنبت، فاستحق أن يحلق عانته بالموسى، فلا فرق بين هذا وبين قوله: "اقتلوا من أنبت".

وعلى أن ذكر المواسي في خبر آخر وهو قوله: "تجب الجزية على من جرت عليه المواسي" (٤)، فإن هذا الخبر حجة لنا؛ لأن الجزية لا تجب إلا على (٢) بالغ، فجعل جريان المواسي علامة على البلوغ حتى تجب الجزية.

وقولكم: إنه يحتمل أن يكون جعل جريان المواسي دلالة على اعتبار


(١) كلمة غير واضحة بالأصل، والمثبت من السياق.
(٢) في الأصل: يخلف.
(٣) تقدم تخريجه (٦/ ١٠).
(٤) أخرجه أبو عبيد في كتاب الأموال (٩٣) وعبد الرزاق في المصنف (١٩٢٦٧) والطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ١٢٠) والبيهقي (٩/ ٣٢٨ - ٣٢٩) عن أسلم مولى عمر أن عمر كتب إلى أمراء الأجناد أن يقاتلوا في سبيل الله، ولا يقاتلوا إلا من قاتلهم، ولا يقتلوا النساء ولا الصبيان، ولا يقتلوا إلا من جرت عليه الموسى، وكتب إلى أمراء الأجناد أن يضربوا الجزية ولا يضربوها على النساء والصبيان، ولا يضربوها إلا على من جرت عليه الموسى".
وقال الشيخ الألباني في إرواء الغليل (٥/ ٩٦): "وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين".

<<  <  ج: ص:  >  >>