للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عرض لأجل القتال، فأجازه لأنه بلغ حد القتال، وإنما يكون قول القائل: "قد بلغت" مطلقًا يتعلق به أحكام الشرع؛ إذا لم يكن له سبب خرج الكلام عليه، فأما إذا كانت الحال حال قتال، وعرض لأجلها؛ فقوله: "لم يرني بلغت"؛ معناه: من يقاتل، فهو مفيد بهذا السبب، ألا ترى أن قائلًا لو ذكر السفر وبلوغ البلدان حتى يقال بلغت، فقال: بلغت، أو لم أبلغ؛ علم أنه أراد لم يبلغ إليها؛ لأن الكلام خرج على هذا السبب.

وقولكم: "إن النبي لم يكن يجيز في المقاتلة إلا الرجال البالغين"؛ غلط؛ لأنه كان يجيز الولدان إذا بلغوا حد من يقاتل، ألا ترى أن سمرة قال: "عرضت عليه في بعض (١١) غزواته فردني، وعرض عليه غلام غيري فأجازه، فقلت: يا رسول الله! قبلته ورددتني، فلو صارعني؛ لصرعته، فقال: صارعه، فصارعته فصرعته، فأجازني" (١).

[فإن] (٢) قيل: إن الإجازة في القتال لا تتعلق بالسن، وإنما تتعلق بالقوة.

قيل: إن بالسن يستدل في العادة على القوة والجلد.

وعلى أن علم رسول الله لسن ابن عمر، أو جريان ذلك بحضرته؛ لم ينقل في الخبر حتى يخرج كلامه عليه، وإنما يجب أن يجعل كلامه متعلقًا بسبب متى أخرجه عليه، وهذا أمر لم يثبت، فيحتاج مدعيه إلى دليل بأن الحال التي جرت هي حال الحرب، وأن الغرض كان لأجل القتال، فلو قال لابن عمر: "إنك ما بلغت"؛ لكان كلامه محمولًا على القتال، أي


(١) تقدم تخريجه (٥/ ٢٢٧).
(٢) ساقطة من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>