للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما بلغت حد القتال، فكيف ولم ينقل قوله في ذلك، فقول ابن عمر ليس بشرع، فأحسن أحواله أن يحمل قوله: "إن النبي ردني لأني لم أبلغ، وأجازني لأني بلغت" على الحال التي جرت من القتال (١).

وعلى أنه يجوز أن يكون ابن عمر بلغ في الخمس عشرة سنة إما بالحلم، أو بالإنبات؛ لأن قوله: "بلغت" مفهوم بقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ﴾ (٢)، ولم يعلق بالسن، فقول القائل: "بلغت" إذا أطلقه؛ لا يعقل منه بلوغ خمس عشرة سنة، وإنما هو عبارة عما يكون به، ولا يكون بالغًا إلا بما ذكره الله تعالى أو رسوله ، ولم يذكر الله تعالى ولا رسوله السن، ولا أنه علامة البلوغ، فلم يكن الحكم [متعلقًا] (٣) به.

فإن قيل: فقد روى أنس أن النبي قال: "إذا كان للغلام خمس عشرة سنة؛ كتب ما له وما (١٢) عليه من الحدود" (٤).

وهذا نص.

قيل: هذا خبر محال لا يعرف، ولا يعمل عليه.

وقوله: "كتب ما له وما عليه" يفيد أن له شيئًا، وعليه شيء؛ حتى يكتب


(١) وذكر السن على وجه التأريخ لا على أن الحكم متعلق بها، ويوضح ذلك أن النبي لم يسأله عن سنه، وإنما ذكر ابن عمر من عند نفسه على وجه التأريخ وبيان سنه في الوقت، كما يقول: درست الكتاب الفلاني وأنا ابن عشرين سنة. شرح الرسالة (١/ ٢٣٧).
(٢) سورة النور، الآية (٥٩).
(٣) في الأصل: متعلق.
(٤) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٥٧) بلفظ: "الصبي إذا بلغ خمس عشرة أقيمت عليه الحدود"، وقال: "إسناده ضعيف". وضعفه أيضًا ابن الملقن في البدر (٦/ ٦٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>