للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه آخر: وهو أن الآية تقتضي وقوع الاختبار قبل البلوغ لقوله تعالى: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ﴾ (١)، فأمر بالابتلاء وجعل له غاية هي بلوغ النكاح، و"حتى" من حروف الغايات وهي لانتهائها (٢)، فاقتضى ذلك أن الاختبار قبل البلوغ.

ومن قال: إن الاختبار قبل البلوغ؛ إما أن يقول إن إصلاح المال شرط (٣)، أو يقول: إصلاح الدين والمال شرط؛ لأنهم يقولون: يختبر في ذلك قبل البلوغ، فإذا بلغ وهو على تلك الصفة؛ رفع الحجر عنه (٤)، وعند المخالف أنه يختبر في إصلاح المال بعد البلوغ، وإذا ثبت أن الاختبار يكون قبل البلوغ؛ ثبت ما قلناه.

وأيضًا فإنه بلغ خمسًا وعشرين سنة وهو غير رشيد في ماله؛ فوجب أن لا يسلم إليه ماله، أصله ما قبل الخمس وعشرين، أو إذا كان مجنونًا.

فإن قيل: فقد قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾ (٥).

فأجاز تعالى تسليم المال إلى من بلغ أشده (١٦) من غير شرط إيناس


(١) سورة النساء، الآية (٦).
(٢) ووجه آخر، وهو أنه سماهم يتامى، وإنما يكونون يتامى قبل البلوغ. المغني (٦/ ٢٤٤ - ٢٤٥).
(٣) وهو مذهب المالكية. ورواية عن أحمد كما في المغني (٦/ ٢٤٤ - ٢٤٥).
(٤) وهو أحد الوجهين عند الشافعية، وإليه ذهب ابن المواز، وهو رواية عن أحمد أيضًا، لكنه يخالف الشافعي في اشتراط العدالة، ويذهب في ذلك مذهب المالكية. انظر المغني (٦/ ٢٤٤ - ٢٤٥) الذخيرة (٨/ ٢٣٠).
(٥) سورة الأنعام، الآية (١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>