ثم دليله أنه إذا لم يؤنس رشده؛ لم يدفع إليه ماله، والإجماع الذي حصل قبل الخمس وعشرين هو لمعنى، وذلك المعنى موجود فيه إذا بلغ خمسًا وعشرين سنة.
وقولكم:"إنه إذا بلغ خمسًا وعشرين سنة جاز أن يصير جدًّا"؛ فإننا نقول: ليس إذا بلغ هذا السن وجاز أن يصير جدًّا؛ ما يجب أن يدفع إليه ماله؛ لأن هذا المعنى يوجد في المجنون ولا يدفع إليه ماله، وإنما ينبغي أن يراعى بمن منع من ماله في صغره وقبل الخمس وعشرين، فإذا كان ذلك المعنى باقيًا؛ فالحجر.
وقولكم:"إن أبا حنيفة (١٧) يقول: إن الحجر لا يجوز في مال الحر العاقل"؛ فإننا فيه اختلفنا، وهذا أصل لنا في الحجر على الحر العاقل.
فإن قيل: إن مال الإنسان المميز قد يمنع منه في وقت؛ مثل من أجر عبده أو داره، ولا يجوز أن يمنع منه على التأبيد من غير إيجاب حق فيه، فكذلك يجوز منع المال عن السفيه في وقت مقدر بطلب شرط يوجد في المستقبل؛ كانقضاء مدة الإجارة، ولم يجز أن يمنع منه ماله على التأبيد.
ولأن المانع من تسليم ماله إليه على التأبيد؛ لا يخلو أن يكون [لمعنى](١) فيه، أو في المال.
ولا يجوز أن يكون لمعنى فيه؛ لأن أصح المعاني التي تمنع من تسليم المال على التأبيد هي الجنون التي تدوم، فأما إذا كان عاقلًا؛ فلا يمنع ذلك منه لمعنى فيه، دليله المريض.