للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: عن هذا جوابان:

أحدهما: أن السفيه صفة ذم يستحقها من اكتسب فعلًا مذمومًا، فلا يجوز حمله على المجنون؛ (٢٨) لأنه ليس بمذموم، ولا يلحقه الذم إذا لم يكتسب جنونه، ولا حدث باختياره، وكذلك الصبي.

والجواب الآخر: هو أن الآية تتضمن السفيه، والضعيف، [والذي] (١) لا يستطيع أن يمل هو، فإذا نحن حملنا السفيه على المبذر، والضعيف على الصغير، والذي لا يستطيع أن يمل هو على المجنون؛ حملنا كل كلمة من ذلك على معنى وفائدة غير فائدة صاحبتها، وأنتم تحملون السفيه على المجنون، وتسقطون حكم إحدى الكلمات، ومن لا يسقط من الحكم شيئًا، وحمل كل كلمة مفردة على حكم مفرد؛ كان أولى ممن جعل الكلمتين في حكم الكلمة الواحدة.

فإن قيل: هذه الآية [تقتضي] (٢) أن المبذر يداين ويمل بمعنى يقر؛ لأنه تعالى قال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾، وذلك عام في المبذر وغير المبذر، ثم قال: ﴿وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا﴾.

وذلك أيضًا عام في المبذر وغيره.


(١) ساقطة من الأصل.
(٢) بالأصل: لا تقتضي، وهو خطأ؛ لأن مراد المعترض إثبات أن الآية تقتضي إجازة مداينة السفيه والحكم بصحة إقراره، كما نص على ذلك الجصاص في أحكامه (١/ ٥٩١)، وهو الذي يساعد عليه سياق الكلام بعده. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>