للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قيل:] (١) وإنما كان يكون المبذر داخلًا تحت حكم ذلك الخطاب لو تجرد الخطاب، ولم يتعقبه إخراجه من جملة من يصلح الخطاب له، ولكنه تعالى ذكر المداينة، وذكر أن الذي عليه الحق يمل، ثم استثنى من ذلك السفيه وهو المبذر، فقال تعالى: ﴿فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ﴾، فتبين أنه لم يدخل تحت الخطاب المتقدم، فصار تقدير الآية كأنه قال: "يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليملل الذي عليه الحق، إلا أن يكون سفيها فليملل وليه بالعدل"، فدل ذلك على أن المبذر لم يدخل تحت الخطاب المتقدم.

فإن قيل: إن قوله (٢٩) تعالى: ﴿فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ﴾ لم يرد به ولي السفيه، وإنما أراد به ولي الحق، فكلفه أن [يملي] (٢) بالحق، وفائدة ذلك أنه إذا أقر بأن له على السفيه مائة درهم؛ علم به سقوط ما زاد على ذلك (٣).

قيل: عن هذا ثلاثة أجوبة:

أحدها: أننا إذا احتملنا الآية على إقرار ولي السفيه؛ حملناها على فائدة، وهي أن السفيه يقر عنه وليه، وأنتم إذا حملتموها على إقرار صاحب الحق؛ حملتموها على ما لا يتعلق به فائدة؛ لأن إقرار صاحب الحق لا يتعلق


(١) ساقطة من الأصل، ويظهر من السياق أنه بداية جواب الاعتراض، وأيضًا لم يذكر له جواب غير هذا.
(٢) كلمة لم أتبينها، والمثبت من السياق.
(٣) وقد روي ذلك عن الربيع بن أنس، وقاله الفراء أيضًا. أحكام القرآن للجصاص (١/ ٥٩٢) وقال ابن التركماني: "ويرجح هذا التأويل أن السفيه يجوز طلاقه بإجماع أهل العلم، ففارق الأطفال والمجانين إذ لا يجوز طلاقهما". الجوهر بهامش الكبرى (٦/ ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>