للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له: إذا بعت فقل: لا خلابة، ولك الخيار ثلاثًا" (١).

ولم يحجر عليه، ولو كان الحجر على البالغ المبذر جائزًا؛ لحجر عليه؛ لأنه كان يغبن في البيع.

وأيضًا فإنه ممن يقبل إقراره في نفسه؛ فوجب أن يقبل إقراره في ماله، أصله الرشيد.

وأيضًا فإن الحقوق المتعلقة بالمال آكد وأكثر ثبوتًا من حقوق الأبدان؛ لأن الحق المتعلق بالبدن يسقط بالشبهة، فإذا لم يكن للحاكم أن يحجر عليه في أضعف الحقين؛ لم يجز له أن يحجر عليه في آكدهما وأقواهما (٢).

قيل: أما حديث أنس وقول النبي للرجل: "لا خلابة"؛ فإنه قضية في عين، ولم يذكر في الخبر أن الرجل كان يغبن في بيعه بما لا يتغابن الناس بمثله، فيحتمل أن يكون الرجل ممن يغبن بما لا تنفك التجارة منه، وهذا مقدار ما يتغابن الناس بمثله، ولكنه أبدًا مغبون، فأراد أهله أن يحجر النبي عليه فلم يفعل، فقال له: "قل: لا خلابة، ليكون لك الخيار ثلاثًا فتستدرك الغبن في مدة الخيار"، ولو أوجبت الصورة الحجر عليه؛ لفعل.

وقولكم: إنه ممن يقبل إقراره في (٣٤) نفسه فيجب أن يقبل إقراره في ماله إلى آخر الفصل.

فإننا نقول: إنه لم يحجر عليه في إقراره بحقوق الأبدان؛ لأنه ليس


(١) تقدم تخريجه (٦/ ٣٨).
(٢) انظر التجريد (٦/ ٢٩٢٩ - ٢٩٣٠) والمحلى (٧/ ١٦٢ - ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>