للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمتهم فيها؛ إذ الإنسان لا يتهم على نفسه أن يقر بالقتل ليقتل، وإذا لم يتهم في ذلك؛ لم يحجر عليه، وليس كذلك المال؛ لأنه متهم فيه؛ لأنه إذا كان سفيهًا مبذرًا؛ فإنه لا يبالي بتضييع ماله وفي أي وجه انصرف، فلم يقبل إقراره فيه، ألا ترى أن العبد يقبل إقراره فيما [يقتضي] (١) للعقوبة فيه ببدنه، ولا يقبل إقراره فيما يتعلق بالمال؛ لأنه لا يتهم في أن تحل العقوبة ببدنه، ويتهم في المال أن يخرجه عن سيده.

فإن قيل: فإن [تصرف] (٢) الإنسان في ماله بنفسه؛ أوسع وأكثر من تصرف غيره في ماله، بدليل أن الغير إذا تصرف في ماله؛ فإنما يتصرف فيما له فيه الحظ، ولا يهب شيئًا من ماله ولا يتصدق، وهو يتصرف في مال نفسه فيما له فيه حظ، وفيما لا حظ له فيه.

ثم قد تقرر أنه لو أبطل هو على نفسه عقوده المستقبلة فقال: "أبطلت ما أعقده في المستقبل"؛ لم يكن له ذلك؛ فلأن لا يملك الحاكم إبطال عقوده المستقبلة [أولى] (٣).

وأيضًا فإن ما يستقبل من عقوده؛ لم يعقد ولم يوجد، والعقد الذي لم يعقد لا يملك إبطاله أحد.

قيل: قولكم: "إن تصرف الإنسان في ماله أوسع من تصرف غيره إلى آخر الفصل"؛ فإننا نقول: إن الحاكم لا يبطل عقوده المستقبلة، وإنما يحجر


(١) غير ظاهرة بالأصل، والمثبت من السياق.
(٢) في الأصل: انصرف.
(٣) ليست في الأصل، والسياق يقتضيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>