للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولكم: "إن الموصي [استعان] (١) بالوصي في التصرف"؛ فإننا نقول: إن الإمام معين، والحاكم معين للإمام، وعمال الصدقات استعان بهم الإمام على جباية الصدقات ومع هذا فلهم ما يأخذونه، ومن استعان عبدًا بإذن سيده؛ فإن استعانه على شرط أن لا يأخذ شيئًا؛ فإنه لا يأخذ، وإن استعانه مطلقًا من غير شرط وطلب السيد منه أجره؛ فله ذلك.

فإن قيل: فقد قال تعالى: ﴿لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ (٢).

وهذا يمنع من أكل المال بغير وجه التجارة والتراضي.

قيل: هذه الآية حجة لنا؛ لأن التجارة لا تؤكل، وإنما أراد أكل ما يكون عن تجارة، فهو عام في كل تجارة، والموصي قد رضي أن يتجر الوصي بمال اليتيم؛ ورضي الوصي بذلك، فإذا باع له شيئًا؛ جاز أن يأكل منه بالمعروف؛ لأنه أكل من مال من تجارة.

فإن قيل: فإن الآية تقتضي أن يكون ما يأكله من تجارة بينه وبين صاحب المال.

قيل: ليس في ذكر التجارة تخصيص التجارة الموصي أو الوصي، أو أن يكون من تجارة متقدمة بعد أن يكون المال من تجارة، فهذا يقتضي أنه إذا كان مال الموصي قد حصل من تجارة؛ جاز أن يأكل الموصي منه، وكذلك من تجارة يتجر بها الوصي في مال اليتيم، فإذا ثبت أنه قد أبيح له أن يأكل من


(١) ساقطة من الأصل، وأثبتها من الاعتراض قبله.
(٢) سورة النساء، الآية (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>