للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولكم: إنه معاوضة لا يصح مع الجهل؛ عنه جوابان:

أحدهما: أنه لو ادعى عليه ميراثًا من جهة وارث له، وقال: لست أعلم مبلغه فاحلف لي أنه لم يخلف في يدك شيئًا، وجب اليمين عندنا، فلو صالحه عما ادعاه؛ لصح، وهذا صلح مع الجهل، فلم يسلم ما ذكرتموه.

والجواب الآخر: أننا لا نسلم أنه عقد معاوضة، بل هو عقد إسقاط ومسامحة إن كان المدعي صادقًا، أو يكون دفعًا عن عرض المدعى عليه إن كان المدعي كاذبًا، فلم يسلم لكم وصف العلة.

ونقول أيضًا: إن الصلح إسقاط حق يجوز مع الإقرار، فلا يؤثر الإنكار في حكمه، أصله البراءة من الدين.

ويجوز أن يفرض الكلام في أن عقد الصلح ليس فيه معنى البيع، وأن المغلب فيه الإسقاط والبراءة، يدل على ذلك أنه فرق بينه وبين البيع في الشريعة، كما فرق بين النكاح والإجارة، بدليل أن أحد العقدين لا يدخل في العموم الذي يعبر به عن العقد الآخر ولا في خصومة، فوجب أن لا يكون معناه معنى الآخر، ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ (١) أنه لا يعقل منه دخول الصلح فيه.

وقوله : "والصلح جائز بين المسلمين" (٢) لا يدخل تحته اسم البيع، وليس كذلك السلم (٣) ........................................


(١) سورة البقرة، الآية (٢٧٥).
(٢) تقدم تخريجه (٦/ ٨٣).
(٣) السلم عقد معاوضة يوجب عمارة ذمة بغير عين ولا منفعة غيرَ متماثل العوضين. شرح حدود ابن عرفة (٢/ ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>