للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه، ولا يختص به، وكان اسم الصلح وقع على الإنكار وإن جاز نقله إلى غيره، كما أن الهبة وضعت حقيقتها للأعيان وإن جاز نقلها عن أصلها إلى الديون.

فإن قيل: فإنه لم يحكم بصدقه فيما يدعيه؛ فوجب أن لا يجوز صلحه عليه، أصله إذا حكم بكذبه فيما يدعيه؛ [لأنه] (١) لا خلاف أنه إذا أقر بدار لزيد ثم قال: هي لي، وكذبت في إقراري أنها له، وأراد أن يصالح زيدًا على الدار؛ لم يكن له ذلك؛ لأنه حكم بكذبه في دعواه "هي لي" بإقراره المتقدم، فكذلك في مسألتنا.

وأيضًا فإن الرجل إذا كانت في يده دار؛ فالظاهر أنها ملكه ومحكوم له بها، فإذا أراد أن يصالح عليها؛ فإنما يخرج المال عن ملك نفسه وبدلًا عما حكم له به، وإخراج المال على ما يملكه مخرجه غير جائز.

قيل: أما قولكم: "إنه لم يحكم بصدقه فيما يدعيه، فأشبه من حكم بكذبه"؛ غلط؛ لأن المصالح لم يحكم بكذبه ولا (٥٤) بصدقه، فيجوز أن يكون صادقًا فيما يدعيه، والذي حكم بكذبه قد قطع في الظاهر على كذبه، كما أن من حكم بصدقه [قد] (٢) قطع في الظاهر على صدقه، فلو قلنا على هذا: إن الصلح على الإقرار جائز لأنه لم يحكم بكذبه، وكل من لم يحكم بكذبه؛ جاز صلحه، فتجعل المعاوضة من هذا الوجه؛ لجازت هذه المعاوضة.

وقولكم: "إنه لا خلاف أنه لو أقر بدار لزيد ثم قال: كذبت، وهي لي؛


(١) في الأصل: كأنه.
(٢) في الأصل: وقطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>