للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يجز له أن يصالح"؛ غلط؛ لأن الأمر يجوز أن يكون كما قال، فلو قال المقر له: أقررت لك على وجه، وأنت تعلم أنها لي، وإلا فاحلف لي أني لا أستحقها؛ لوجبت له اليمين، فحينئذ يجوز للمقر له أن يصالح حتى يسقط عنه اليمين وتزول الخصومة، وهذا هو نفس المسألة.

وقولكم: "إن الرجل إذا كانت في يده دار؛ فالظاهر أنها له، فإذا صالح أخرج المال [عن] (١) ملك نفسه"؛ غلط؛ لأن اليد لا تدل على حقيقة التمليك، ألا ترى أن اليمين تجب عليه للمدعي، ويجوز أن يصالح ليفتدي يمينه، مع جواز أن يكون المدعي صادقًا فيما يدعيه.

على أن هذا يلزم في الصلح على الإقرار؛ لأن المقر له يصالح بالبعض على ملك غيره الذي قد ثبت له، وثبوت ذلك له بإقرار المقر أقوى من كون الدار في يده، فإذا جاز الصلح على الإقرار؛ كان على الإنكار أولى.

فإن قيل: فإن هذا المال لا يخلو إما أن يكون مأخوذًا لأجل إسقاط اليمين، أو عوضًا عما ادعاه المدعي، فبطل أن يكون في مقابلة سقوط الدعوى؛ لأنه لو كان في مقابلته؛ لجاز أن يكون زائدًا على الحق الذي ادعاه المدعي، (٥٥) ومخالفنا لا يجوِّز الصلح بأكثر من الحق الذي ادعاه المدعي، ولأنه لو كان في مقابلة الدعوى؛ لوجب إذا كان الحق الذي ادعاه دنانير أن يجوز أن يصالحه على دراهم ويفترقا قبل القبض؛ لأن ما كان في مقابلة سقوط الدعوى؛ لم يكن من شرطه أن يقع قبضه في المجلس.

ويبطل أن يكون في مقابلة سقوط اليمين لما ذكرناه من أنه كان يجب


(١) في الأصل: على.

<<  <  ج: ص:  >  >>