للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منعنا منه؛ لم يلزم؛ لأننا نجوز الصلح على وجه، وأنتم لا تجوزونه على الإنكار جملة وإن لم يكن فيه معنى الصرف، فليس كل صلح على إنكار يجوز، وإنما يجوز منه ما كان على صفة لا تؤدي إلى فساده، كما نقول في البيع وغيره.

فإن قيل: إن إخراج المال إما أن يكون على وجه المعاوضة، أو على وجه القربة [أو على وجه] (١) التحابب والمودة، وهذا المال ليس بمخرج على وجه المعاوضة؛ لأن ما أخرج على سبيل المعاوضة؛ حصل في مقابلته عوض، وليس بمخرج على وجه القربة، [لأن] (٢) ما كان مخرجًا للقرب كان صدقة، والمدعى عليه لم يخرج هذا المال على سبيل الصدقة، وليس مخرجًا على التحابب والمودة؛ لأن صاحبه لم يقصد به المهاداة والملاطفة، فوجب أن يكون إخراجه باطلًا غير جائز.

قيل: قد ذكرنا أن المال مخرج على غير ما ذكرتموه، وإنما هو على وجه افتداء اليمين، وصيانة العرض من جهة المدعى عليه، وله فيه ثواب، والإسقاط والمسامحة من قبل المدعي، أو ليحصل له بعض ماله، وافتدى اليمين التي كان يجوز للمدعى عليه أن يردها عليه.

وقد روي أن النبي قال: "وما وقى المرء به عرضه فهو صدقة" (٣)،


(١) زيادة ليست في الأصل، والمثبت من الحاوي الكبير (٦/ ٣٧٠) حيث ذكر أن إخراج المال لا يخلو المقصود به من ثلاثة أحوال، وهي التي ذكرها المصنف مجملة ومفصلة.
(٢) في الأصل: الا.
(٣) أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/ ٦٥) وصححه، وتعقبه الذهبي فقال: "قلت: عبد الحميد ضعفه الجمهور". وضعف الحديث أيضًا الهيثمي في المجمع (٣/ ٢٥٠). =

<<  <  ج: ص:  >  >>