للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عمارةٌ تحصل من غيره، ألا ترى أنه لو كانت الدار في يده، ولرجل فيها عمارة وتزيين؛ كانت الدار لمن هي في يده.

قيل: قولكم: "إنه معنى يمكن إحداثه"؛ فإننا نقول: أصول الأزج مما تزال وتحدث مرة بعد أخرى، وإن كان الحكم بالأزج الواحد حكما بأصوله.

وعلى أننا قد قلنا: إن الحائط لا يبنى لنقش ولتجصيص، وإنما يفعل ذلك زينة، والحائط يبنى لتوضع عليه الجذوع في العادة، فهو التصرف المقصود، فأشبه نقوشَ الحائط البعيرُ يكون لرجل عليه إداوة (١) والآخر راكبه، فإن الركوب تصرف مقصود، وحمل الإداوة ليس بمقصود في التصرف في البعير، فلم يثبت به اليد (٢).

وأيضًا فإن إحداث الجذوع ليس فيه أكثر من أننا نعلم أن هذه يد حادثة من غير أن نعتبر أصله، والجذوع وإن كانت تحدث على الحائط؛ فإن العادة أنه يبني لهذا المعنى، وإذا كان له عليه جذوع؛ (٦٣) فالظاهر أنه بناه وأحدثه بحاجته إلى ذلك، فيجب اعتباره وترك تجويز أمر آخر.

وأيضًا فإن الجار لا يمنع جاره من تجصيص ما بينه من الحائط، ويمنعه من وضع جذوعه عليه، فلو كان التجصيص تصرفًا في الحائط؛ لمنعه منه على ما جرت به العادة.

وقولكم: "إن من له يد على الشيء فإنه لا يلزمها عمارة الغير كمن في يده دار ولغيره فيها عمارة"؛ فإننا نقول: حتى تثبت يده، والظاهر هاهنا يد


(١) الإداوة: إناء صغير من جلد يتخذ للماء، وجمعه أداوى. انظر النهاية (٣٠).
(٢) انظر التجريد (٦/ ٢٩٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>