للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصاحب العلو لا يصل إلى الانتفاع بماله (٧٢) إلا بإصلاح السفل، فإذا امتنع صاحب السفل من البناء؛ فقد أضر بصاحب العلو، وقد منعه النبي من ذلك.

فإن قيل: لنا في هذا الخبر مثل ما لكم، لأن إنفاق صاحب السفل إضرار عليه (١)، وقال : "لا ضرر ولا إضرار" (٢).

قيل: إنما يعود من نفقته إليه بإزاء ما ينفقه، وهذا لا يسمى ضرارًا به، مثل أثمان البياعات يحصل له المبيع بإزاء ما يخرج من الثمن، وإنما الضرر هو أن يترك الإنفاق في نصيبه فلا تحصل له منفعة، ولا يمكن الشريك أن ينتفع في نصيب نفسه خاصة، فيؤدي ذلك إلى الإضرار بهما جميعًا.

وأيضًا فإن صاحب العلو لا يتوصل إلى الانتفاع بالعلو إلا ببناء السفل، ومتى لم يتوصل إلى الانتفاع بملكه إلا بإصلاح ملك غيره؛ صار مأذونًا له في الإنفاق عليه ليصل إلى حقه، وإذا كان مأذونًا في الإنفاق في حق غيره؛ لم يكن للغير منعه منه، فوجب أن يمنع صاحب السفل من الانتفاع حتى يعطيه ما أنفق، أصله العبد يكون بينهما فيلزمهما نفقته، ويجبر كل واحد منهما على إنفاق قسطه منه، فإن امتنع وأنفق الآخر؛ وجب له ما أنفق، وإذا ثبت أن له بناء السفل؛ لم يجب أن يكون متبرعًا فيه؛ لأن كل بناء لو فعله الغير في ملك غيره لكان متبرعًا فيه؛ فإنه يمنع من فعله إلا بإذن، أصله بناء دار جاره.


(١) وليس استعماله في نفي الضرر عن الطالب بإدخاله على المطلوب؛ بأولى من نفيه عن المطلوب بإدخاله على الطالب، إذ ليس يمكن نفيه عنهما، فتناوب الأمران فيه، فسقط الاستدلال بظاهره. الحاوي الكبير (٦/ ٤٠١).
(٢) تقدم آنفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>