للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كقول أبي حنيفة (١).

والدليل لقولنا أنه يرجع على المحيل إذا غره بفلس يعلمه من المحال عليه؛ ما رواه إياس بن معاوية بن قرة أن عثمان - رحمة الله عليه - قال في الحوالة أو الكفالة يرجع صاحبها: "لا توى (٢) على مال امرئ مسلم" (٣).

فحكم بالرجوع بحضرة الصحابة ولم ينكر عليه، فاقتضى ظاهره أنه يرجع متى لم يصل إلى حقه على كل وجه، ثم قامت الدلالة عندنا أنه لا يرجع في مواضع، (٨٢) وبقي الباقي على ظاهره.

وأيضًا فإن الحوالة بيع ما في ذمة بما في ذمة، فإذا غره بفلس يعلمه؛ فكأنه باعه معيبًا لا يعلمه المشتري، فإذا علمه؛ كان له الرد، فكذلك هذا، لأنه أحاله على ذمة فارغة قد علم بفلسها، فوجب له الرجوع.

وأيضًا فإن النبي قال: "إذا أحيل أحدكم على مليء؛ فليتبع" (٤).


= في مختصره (١٠٣) وصاحب البدائع وغيرهما، بل نقل عن أبي حنيفة الرجوع في حالة ثانية، وهي: أن يجحد الحوالة ويحلف ولا بينة للمحال. انظر البدائع (٧/ ٤٢٣).
(١) التجريد (٦/ ٢٩٨٣ - ٢٩٩٠) بدائع الصنائع (٧/ ٤٢٢ - ٤٢٣) الهداية مع شرح فتح القدير (٧/ ٢٢٦ - ٢٢٨).
(٢) التوى هلاك المال. اللسان (توا).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٠٩٩٥) والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ١١٧) وذكره الترمذي تحت حديث رقم (١٣٠٩) وهو ضعيف لانقطاعه؛ لأن إياس لم يدرك عثمان، كذا قال البيهقي وغيره، وتعقبه ابن التركماني بقوله: "ذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق أن له رؤية، وحكى عن ابن سعد أنه عده في الطبقة الثانية، وحكى عن خليفة وغيره أنه توفي سنة ثلاث عشرة ومائة، وعن يحيى وغيره أنه بلغ ستًّا وتسعين سنة، فعلى هذا يكون مولده سنة سبع عشرة، فكيف لم يكن في زمن عثمان".
(٤) تقدم تخريجه (٦/ ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>