للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هي أن الحق يتأخر بعدمه، وإذا لم يكن بد من تعليقه بفائدة -وهو رفع ضرر بعدمه-؛ كان تعليق رفع أعظم الضررين بعدمه أولى، وسقوط الحق أعظم ضررا من تأخره.

ولنا أيضا ما روي أن "جد سعيد بن المسيب كان له حق على علي رضوان الله عليه، فطلب منه أن يحيله على رجل، فأحاله، فمات المحال عليه، فعاد إلى علي فقال: قد مات الرجل، فقال له علي: اخترت علينا غيرنا، أبعدك الله" (١).

وأخبر أنه ليس عليه [بعد] (٢) موت المحال عليه شيء؛ لأنه قد رضي بالحوالة واختارها، ولم يعطه علي شيئا، وقد علمنا أن الميت (٨٥) لو ترك شيئا؛ لا لأخذه جد سعيد من التركة، ولم يرجع إلى علي ، وإنما رجع لأن الرجل مات مفلسا.

وهذا منتشر في الصحابة لم يُنكر على علي ذلك.

وأيضا فإنه حق مقدور على أخذه ممن هو عليه، فإذا سقطت المطالبة به وببدله عنه في حال رشده؛ لم يعد ذلك الحق إليه، أصله إذا قضى الحق؛ لأن من عليه حق فقضاه؛ فإن المطالبة بالحق وببدله قد سقطت عنه مع رشده، فكذلك من كان عليه حق فأحال به على مليء.

واحترزنا بقولنا: "مقدور على أخذه ممن هو عليه" من المفلس؛ لأن المطالبة تسقط عنه وببدله، وإذا وجد؛ عادت إليه، لأن الحق ليس بمقدور


(١) أخرجه ابن حزم في المحلى (٦/ ٣٩٤).
(٢) في الأصل: من، وما أثبته أنسب.

<<  <  ج: ص:  >  >>