سواء كان المحيل أو المحال عليه، لأنه يعود إلى ما كان له في ذمة من أخذ منه الزيوف، كما يأخذ منه ثوبا ثم يجده معيبا، فلو من المحال زيوفا؛ لم يرجع على المحيل، وإنما يرجع على المحال عليه؛ (٩٠) لأنه أخذ منه زيوفا، فأما إذا رضي بالنقلة من ذمة إلى ذمة سليمة، ولم يغره فيها بفلس؛ فهو كشراء سلعة بسلعة، ثم يطرأ على سلعته عيب لم يكن بها، فليس له الرجوع إلى سلعته التي خرجت عن يده بدلا عن هذه السلعة التي طرأ عليها العيب.
ثم الذي يكشف عن هذا أن المحال عليه إذا أفلس وهو حي؛ لم يكن للمحتال أن يرجع إلى المحيل ما دام المحال عليه حيا عند أبي حنيفة، وهذا عيب قد طرأ على الذمة، فكذلك الموت فلسا.
فإن قيل: إن هذه المسألة فرع عن أن صاحب الحق لا يصير قابضا للدين بالحوالة، والذي يدل على ذلك أن قبض الدين يقع بتعيينه أو تعيين ما هو بدل عنه، يدلك عليه أن في الرهن لما لم يوجد واحد من الأمرين؛ لم يصر قابضا، ولأن الدين في ذمة المحال عليه أقامه مقام ما في الذمة الأولى، والأعيان أقرب إلى القبض مما في الذمة، فإذا كان العين التي أقيمت مقامه لا يصير مقبوضة إلا بفلسها؛ فلأن لا يكون ما هو دين مقبوضا [أولى؛ لأن](١) الحوالة توجب حق المطالبة، والقبض لا يمنع من حق المطالبة ما لم يتعين، أصله ما في الذمة الأولى، ولأن الوثيقة بالأعيان آكد مثل الرهن، فإذا كان قبض الحق لا يقع بالرهن؛ فلأن لا يقع بالحوالة أولى، وإذا ثبت بما ذكرناه أن الحوالة لا توجب قبضا؛ ثبت رجوعه بالتلف على المحيل؛ لأن أحدا لا يفصل بينهما.