للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: إن الدين في الحوالة يصير في معنى المقبوض؛ لأنه متعلق بالذمة، وقد خلى بينه وبين الذمة المتعلق بها الدين، كما أن الرهن إذا خلى بين المرتهن وبينه؛ حصل له معنى الوثيقة، فلو تلف الرهن في يده أو حدث به عيب؛ لم يكن له المطالبة برهن آخر، ولا الرجوع للمطالبة ببدله، لأنه قد خلى بينه وبينه، فكذلك قد خلى المحيل بينه وبين ذمة المحال عليه، فصارت في معنى المقبوض، وهذا كما يشتري به دارا ممن له عليه دين فيقبضها ويخلى بينه وبينها؛ فإن المنافع متعلقة برقبة الدار، فإذا قبضها؛ صارت المنافع في حكم المقبوض، فلو تلفت الدار بعد ذلك؛ لم يكن له الرجوع، كذلك في الحوالة؛ لأنه قد خلى بينه وبين ذمة المحال عليه، وبها يتعلق دينه، فهو في حكم المقبوض، وكذلك أجاز العلماء [إجارة] (١) الدار في معنى المقبوض بقبض الدار، [ولولا] (٢) أن المنافع في حكم المقبوض؛ لم تجز الإجارة؛ لأنها بيع منافع لم تخلق، ولا هي متعلقة بذمة، وإذا كان الدين في حكم المقبوض بتسليم الذمة إليه؛ سقط ما ذكروه.

فإن قيل: لو كان الدين المتعلق بذمة المحال عليه في حكم المقبوض؛ لكان الدين الأول المتعلق بذمة المحيل في معنى المقبوض (٣).

قيل: إن كان منتقلا من ذمة إلى ذمة؛ فهو كذلك؛ لأنه جرى مجرى المعاوضة، وقد قبض الذي يعلق الحق به، كبيع سلعة بسلعة؛ فإن المنافع المتعلقة بالسلعتين قد صارت في معنى المقبوض بقبض السلعة، وإن كان


(١) في الأصل: إجازة.
(٢) في الأصل: لولا.
(٣) انظر التجريد (٦/ ٢٩٨٦ - ٢٩٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>