للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في كلام العرب معروفة، قال الشاعر (١):

وشاركنا قريشا في علاها … وفي أحسابها شِرْك العنان

وقال قائل: إنما سميت شركة عنان؛ لأن الشريكين يتساويان في هذه الشركة، وكل واحد منهما يساوي صاحبه ويجري مجراه، لهذا مال ولهذا مال، وهما متساويان، ولكل واحد منهما من الربح مثل ما للآخر، فشمله ذلك كعنان الفرسين إذا سار الفرسان معا، لأنهما يتقابلان ويتساويان.

ومنهم من قال: معنى شركة العنان أنها شركة ظاهرة، من قولهم: عنّ الشيء إذا ظهر، وليس في الشركة ما تثبت الشركة منهما في أمر ظاهر إلا هذه الشركة، فإنها تثبت الشركة فيها في أمر ظاهر، لأن شركة المفاوضة تثبت الشركة بينهما فيما لم يظهر، وكذلك شركة الأبدان والوجوه.

وقال بعضهم: سميت شركة العنان؛ لأن الفارس يمسك بأحد يديه عنان الفرس، ويرسل الأخرى يتصرف فيها كيف شاء.

وهذه الشركة تثبت فيها الشركة بين الشريكين في نفس مال الشركة فقط، لا يكون لكل واحد منهما تصرفه فيه لنفسه، ويكون باقي ماله مطلقا له، يتصرف فيه لنفسه كيف شاء كالفارس، وليس كشركة المفاوضة؛ لأنهما يشتركان في جميع التصرف، وليس لأحدهما أن ينفرد بالتصرف فيكون مطلقا له.

وقيل: إنما سميت شركة عنان من عنان الفرس كان مطلق التصرف قبل تركيب العنان عليه، فلما ركب عليه العنان؛ [صار (٢) ممنوعا من بعض


(١) البيت للنابغة الجعدي، انظر اللسان (شرك).
(٢) في الأصل: فصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>