للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصرفه، وكذلك أحد الشريكين في شركة العنان يتصرف في ملك صاحبه في مقدار مال الشركة، وهو ممنوع من التصرف في غير ذلك من ماله، كالفرس منع بالعنان من التصرف في بعض الأشياء، ولم يمنع من البعض.

وذكر بعض أصحابنا أن شركة العنان هي أن يشتركا في شيء بعينه، ولا يبيع أحدهما إلا بإذن شريكه، أو يشتركا فيشترط أحدهما على صاحبه هذا، فكأن كل واحد منهما يتمسك عنانه من صاحبه وممسك لعنان صاحبه، وهو من المنع، وهذا يجوز (١).

وما قلناه في شركة المفاوضة تجوز، وإن كان أبو حنيفة يزيد فيها شيئا حتى يكونا شريكين عنده في ربح المال، وفيما يكتسبانه بالعمل، ولا يكون لأحدهما شيء ينفرد به، ولا يكون مال أحدهما أكثر من الآخر، ويكونان بعد قولهما: "تفاوضنا" (٢)؛ شريكين فيما يكسبه كل واحد بعمله، وفيما يشتريه بعين المال وفي ذمته، وما لزم أحدهما ضمانه من غصب أو سرقة؛ ضمنه الآخر، إلا ما ألزمه الآخر باختياره فإنه لا يضمنه الآخر، وما ليس بكسب بل كان من المباحات كالاحتشاش والاصطياد؛ فلا يكونان شريكين، وإن ورث أحدهما عروضا؛ لم تبطل الشركة، وإن ورث ذهبا أو فضة، بطلت الشركة، لأن ماله زاد على مال صاحبه.

ومع هذا كله فإنه لا يخالفنا في المفاوضة على الوجه الذي قلناه.


(١) وقيل غير ذلك، انظر اللسان (عنن) والمغني (٦/ ٤١٨) الحاوي الكبير (٦/ ٤٧٣) الشركات وأحكامها في الفقه الإسلامي (٣٨٢ - ٣٨٥).
(٢) ولا تنعقد عندهم إلا بهذا اللفظ لبعد شرائطها عن علم العوام، حتى لو بيَّنَا جميع ما تقتضيه؛ تجوز، لأن المعتبر هو المعنى. انظر الهداية مع شرح فتح القدير (٦/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>