للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه لما أمر بالتسوية في مجلسهما، وترك تقديمه على صاحبه؛ كان دلالة على ما هو أبلغ منه، وزوال التسوية بأن يكون أحدهما في منزله والآخر في مجلس حكمه أكثر؛ فصار أولى.

وأيضا فقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال في كتابه إلى خليفته: "سو بين الخصوم في لحظك ومجلسك" (١).

والأمر بالتسوية بين الخصمين ينتفي بإحضار أحدهما وترك الآخر، وهذا بحضرة الصحابة بغير خلاف.

قيل: أما قول النبي : "من ولي القضاء بين اثنين؛ فليسو بينهما في المجلس" (٢)؛ عنه أجوبة:

أحدها: أن حقيقة هذا يقتضي إذا كانا حاضرين؛ لأنه لا يقال: "سويت بين اثنين" إذا كان أحدهما حاضرا والآخر غائبا.

وجواب آخر: وهو أن المعلوم من هذا أنه أريد إذا حضر؛ بدليل أحدهما أنه لو كان غائبا أو مريضا؛ لم يتوجه إليه الخطاب، فلا يحكم لأحدهما حتى يسمع من الآخر.

وجواب آخر: وهو أن الوكيل يقوم مقام الموكل وهو قاض بينهما، فيجب أن يسوي بينهما لأنه والي القضاء بين اثنين، فالخبر يتناول كل اثنين.

وجواب آخر: وهو أننا نعتبر التسوية بين الخصوم، ولأننا نجعل للمدعى


(١) أخرجه البيهقي (١٠/ ٢٢٩).
(٢) تقدم تخريجه (٦/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>