للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: الفرق بين مجلس الحكم وغيره أنه إنما وكله في الخصومة، وذلك يتضمن الإقرار والإنكار، والخصومة لا تكون إلا في مجلس الحكم.

قيل: إن الخصومة لا تكون [إلا] (١) في مجلس الحكم، ولكن لِم قلتم: إنه إذا أذن له في الخصومة؛ كان له أن يقر، والإقرار يتضمنه التوكيل؟!

وعلى أنه لو كان له أن يقر في مجلس الحكم؛ كان له أن يقر في غير مجلس الحكم، كالموكل نفسه.

وأيضا فإنه وكيل لا يملك إسقاط الحق بالإقرار بالقبض في غير مجلس الحكم؛ فوجب أن لا يملك إسقاطه والإقرار في مجلس الحكم، أصله لو نهاه الموكل عن الإقرار عنه.

ثم الذي يدل على ذلك أيضا؛ أن إطلاق التوكيل في الخصومة يتضمن النهي عن الإقرار بالحق؛ لأنه إذا قال له: "خاصم"؛ فقد أمره بطلب الحق وتحصيله، وإقامة البينات والحجج على استخراجه من يد الخصم، والإقرار يسقط الحق ويبطله، فكان ذلك منافيا لما وكله فيه، ومن أمر بشيء فأذن له فيه؛ فقد نهى عما يضاده وينافيه، ألا ترى أن من أمر ببيع شيء؛ فقد نهى عن التمسك، ومن أمر بإمساك شيء؛ فقد نهى عن إخراجه بسبب ذلك، وقد تقرر أنه لو نهى عن الإقرار عنه؛ لم يصح إقراره، فكذلك إذا أطلق له الوكالة بالخصومة، لأن إطلاقه يقتضي النهي عن الإقرار.

فإن قيل: قد وكل علي عقيلا وقال: "هذا عقيل، ما قضي عليه فعلي،


(١) ساقط من الأصل، والمثبت من السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>