للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوكيل يقوم مقام الموكل في القبض وإبراء من عليه الحق، فلما كنت لو دفعته إليك لم أبرأ منه لجواز أن ينكر صاحبه الوكالة فيأخذ مني الحق ثَم؛ لم يكن إقراري بالوكالة يثبت لك به حق مطالبتي بذلك.

فإن قيل: الفرق بين الأعيان وما في الذمة؛ هو أن الإقرار بالدَّين اعتراف بثبوت المطالبة قبله، فهو مقر بحق عليه فلزمه، ألا ترى أن ما يعطيه هو غير ماله، ولو حضر الموكل فجحد؛ لكان دينه بحاله كما كان، فأما الأعيان الحاضرة فاعترافه فيها اعتراف على العين، ولو سلمها بحضر [ … ] (١) وجحد كانت العين التي أخذها الوكيل تالفة، فلم يقبل إقراره في جواز الغير وإن أجاز إقراره على نفسه.

قيل: قولكم: "إن الإقرار بالدين اعتراف بثبوت حق المطالبة قبله"؛ فإننا قد بينا أنه لا يثبت به حق المطالبة قبله، فإنما يثبت على الوجه الذي إذا وقع ما توجبه المطالبة سقط الدين عن الذمة، كما لو دفع إلى صاحبه، فصار ها هنا مقرا في حق الغير فلا يقبل، فلا فرق بين هذا وبين الأعيان الحاضرة، ألا ترى أنه في الجميع يبرأ بالدفع على صاحبه، ولا يبرأ بدفعه إلى هذا الوكيل.

فإن قيل: إن الذي اعترف بالوكالة مقر على نفسه وعلى غيره، فما اعترف به على نفسه؛ جاز، ولا يعتبر فيه جواز أن يحضر الغير فيستحقه، يدلك عليه أن من أقر بعين لإنسان، ثم ادعى أن هذه العين قد ادعاها فلان، وله بينة في ذلك، فأنا لا أسلم مخافة أن يستحقها ويطالبني بها؛ لم يكن له


(١) كلمة مطموسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>