ذلك، وإن كان فلان متى أثبت ما يدعيه؛ لم يبرأ الدافع مما دفعه بنفسه إلى المقر له.
قيل: قد ذكرنا أنه ليس معترفا على نفسه بشيء يلزمه، وإنما هو معترف بجواز تصرف الوكيل في مال الموكل بغير بينة، وإقراره على الموكل لا يقبل؛ لأنه يقول للوكيل: إقراري لك بجواز التصرف وقبض مال الموكل إنما يقبل متى إذا كنت أبرأ بدفع المال إليك، كما أن إقراري لصاحب الحق بدينه يبرئني إذا دفعته إليه، فلما كان دفعي إليك لا يبرئني؛ صار إقراري بالوكالة اعترافا في حق الغير لا اعترافا على نفسي، لأن اعترافي على نفسي بشيء أبرأ به إذا دفعته كما أبرأ بدفعه إلى الموكل، فلما كنتَ لا تقوم مقام الموكل في إبرائي؛ لم يلزمني دفع الدين إليك، فدل على صحة هذا إذا كان للوكيل بينة على الموكل بالوكالة لبرئ الدافع بدفع الحق إلى الوكيل، وبعدم البينة وإقراره لا يبرأ، فلم يجبر على الدفع.
فأما من أقر أن هذه الدار لفلان، ولكن فلان قد ادعاها وله بينة بذلك؛ فإننا نقول: إن فلانا إذا أقام البينة؛ أخذها من يد من أقررت أنت أنها له، وأنت تكون بمنزلة شاهد، فإن لم تقبل شهادتك؛ لم يلزمك شيء، اللهم إلا أن يقر بها الإنسان، ثم يقر بها للآخر، فإنه قد أتلف بإقرار الأول على الثاني ما أقر به، فلزمه ما أتلف بإقراره، وبإقراره بالوكالة نقول: إنما أقر لك بشيء إذا ثبت برئت بالدفع إليك كما لو كانت البينة ثابتة على الوكالة، فأما إذا لم أبرأ؛ فلا يلزمني بإقراري لك بالوكالة شيء؛ لأنه إقرار على غيري، فأخذك ما تستحقه علي فلا يقبل إقراري.