للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إقرار الإنسان على نفسه آكد من إقراره على غيره، [فلما لم] (١) يجز اعتبار أحدهما بالآخر؛ وجب أن يوكل حكم الإقرار الذي يحصل من الوارث بمعنى آخر يضعفه في نفسه، فاعتبرنا تأكيده باعتراف الورثة إذا كان عددهم يبلغ ما يجوز قبوله في الحقوق إذا أقاموا الشهادة.

وأيضا فإن القياس في جميع الورثة إذا كانوا جماعة فأقروا أن لا يثبت النسب من الميت، لأنهم يلحقون بإقرارهم في حق الغير من غير شهادة، ولا يقبل مثل هذا، وإنما استحسنوا في ذلك إذا أقرت الجماعة؛ لأن قولها مما يجوز أن يثبت به النسب إذا أخرجوه مخرج الشهادة، وهذا المعنى لا يوجد في إقرار الواحد بحال.

وأيضا فإن الإقرار بالنسب يصح ممن يملك [نفيه] (٢)، ولما كان الوارث لا يملك نفيه بوجه؛ فكذلك الإقرار به، هذا هو القياس، عكس هذا الموروث لما ملك نفيه؛ ملك إثباته، فلما أجمعنا على أن المقر لا يملك نفي النسب لأن رجلا لو مات وخلف ابنا وحملا، أو اثنين وثلاثة وأكثر وحملا، فنقول: الحمل من أبيهم، وقالوا: ليس هذا الحمل من أبينا؛ لم ينتف الحمل من أبيهم، وإنما أثبتناه بقول الجماعة وإن كان لا ينتفي بنفيهم لما ذكرناه من الاستحسان؛ لأنهم لو أخرجوه مخرج الشهادة؛ لكانوا فيه كالأجانب، فيثبت نسبه.

فإن قيل: لا فرق بين النفي والإثبات، وذلك أنه لا يثبت النسب إلا


(١) في الأصل: فلم.
(٢) في الأصل: نفسه، وكذا ما بعده في الموضعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>