فإن قيل: هذا يدل على صحة قولنا في أنه ألحق الولد بزمعة، وحكم أنه أخوها؛ لأنه لو لم يكن حكم بأنه أخوها؛ لما أمرها بالحجاب عنه؛ لأن آية الحجاب كانت قد نزلت، وسودة كانت تعلم أنه لا يجوز لها أن تظهر للأجانب.
قيل: فمثل هذا يحتج عليكم في أن نسبه كان ثابتا قبل ذلك؛ لأنها لم تكن محتجبة عنه قبل قوله لها "احتجبي عنه"، مع علمها أنه لا يجوز أن تظهر للأجانب.
وفيما يتأولونه في أنه رأى شبها بعتبة فقال لها: احتجبي عنه، وبان له أن يحجب زوجته عن الأقارب (١)؛ مثله نقول نحن أن نسبه كان متقدما فلم تحتجب عنه، ثم قال لها:"احجتبي عنه" لما ذكرتم، فما لكم في الخبر حجة؛ إلا ولنا مثلها.
فإن قيل: إن الوارث قائم مقام الميت؛ فأشبه إذا كان الورثة جماعة.
قيل: إن القياس في الجماعة أن لا يثبت بقولها النسب على الميت إذا لم يخرجوه مخرج الشهادة لولا قيام الدلالة عليه، فلم يحمل على موضع الاستحسان غيره؛ لأن قول الاثنين مما يجوز أن تقطع به الحقوق، ويحكم
(١) حكى هذا التأويل عن ابن القصار ابن حجر في الفتح (٦/ ٧٣) ونقل عن ابن التين أن إلحاقه بزمعة يقتضي أن لا تحتجب منه سودة، والشبه بعتبة يقتضي أن تحتجب، وقال غيره: بل وجب ذلك لغلظ أمر الحجاب في حق أزواج النبي ﷺ، ولو اتفق مثل ذلك لغيره؛ لم يجب الاحتجاب كما وقع في حق الأعرابي الذي قال له: "لعله نزعه عرق". وانظر أيضا الحاوي الكبير (٧/ ٩٤).