فعلمنا أن هذا القدر من المال له حرمة، فثبت تقدير المال الذي أطلقه الله تعالى من هاهنا، فصار في النكاح، وفي القطع، وفي اليمين عند منبر النبي ﵇ مقدرا، ولا يوجد التقدير إلا من أحد ثلاثة أوجه، إما من اللغة، أو من الشرع، أو من العادة، وقد وجدناه مقدرا في الشريعة من الوجه الذي ذكرناه في أقله، فينبغي أن يكون مذهب مالك على هذا؛ لأنه الأقل الذي لا شك فيه عند من يقدر.
أما على مذهبنا؛ فهو ما ذكرناه، وأما على مذهب أبي حنيفة؛ فعشرة دراهم في النكاح والقطع، وعلى مذهب ابن المواز؛ فهو الذي لا يختلف فيه من نصاب الزكاة، وأظن أن ابن المواز ذهب إلى أن هذا موضع إجماع في الشريعة، وما دونه في القطع والنكاح؛ مختلف فيه، غير أن مذهب مالك يقتضي تسوية ذلك في المواضع كلها على أصله في أول التقدير وأقله.
فإن خالفنا أصحاب أبي حنيفة في تقدير إقراره له بمال وأنه ربع دينار؛ بنيناه على أصلنا في مقدار ما يقطع فيه، وما يكون مهرا في النكاح.
فإن خالفنا أصحاب الشافعي؛ بنيناه على ما نقوله نحن وهم في مقدار ما يقطع فيه.
وإن تكلمنا على مذهب ابن المواز؛ فأولى التقدير في المال في الشريعة ما لا خلاف فيه بين الجميع هو نصاب الزكاة.
وأيضا فإن في الناس من جهة العادة من يرى ربع دينار مالا، وليس فيهم من يرى الحبة والفلس مالا، فإذا كان اسم المال ينطلق عند بعضهم