ومن فهم من هؤلاء من لفظ البيات نوم الليل؛ أوجب ذلك من نوم الليل فقط. ومن لم يفهم منه ذلك، وإنما فهم منه النوم فقط؛ أوجب ذلك على كل مستيقظ من النوم نهارًا أو ليلًا. ومن رأى بين هذه الزيادة والآية تعارضًا - إذ كان ظاهر الآية المقصود منه حصر فروض الوضوء -؛ كان وجه الجمع بينهما عنده أن يخرج لفظ الأمر عن ظاهره الذي هو الوجوب إلى الندب. ومن تأكد عنده هذا الندب لمثابرته ﷺ على ذلك؛ قال: إنه من جنس السنن. ومن لم يتأكد عنده هذا الندب؛ قال: إن ذلك من جنس المندوب المستحب. وهؤلاء غسل اليد عندهم بهذه الحال إذا تيقنت طهارتها، أعني من يقول: إن ذلك سنة، ومن يقول: إنه ندب. ومن لم يفهم من هؤلاء من هذا الحديث علة توجب عنده أن يكون من باب الخاص أريد به العام؛ كان ذلك عنده مندوبًا للمستيقظ من النوم فقط. ومن فهم منه علة الشك وجعله من باب الخاص أريد به العام؛ كان ذلك عنده للشاك لأنه في معنى النائم. والظاهر من الحديث أنه لم يقصد به حكم اليد في الوضوء، وإنما قصد به حكم الماء الذي يتوضأ به؛ إذا كان الماء مشترطًا فيه الطهارة. بداية المجتهد (١/ ٣٥٠ - ٣٥٥). (١) سورة المائدة، الآية (٦).