ثم قال: الثالث: فيمن يتعين عليه الاجتهاد: أفتى أصحابنا ﵃ بأن العلم على قسمين: فرض عين وفرض كفاية، ففرض العين الواجب على كل أحد هو علمه بحالته التي هو فيها.
إلى أن قال:"وأما فرض الكفاية فهو العلم الذي لا يتعلق بحالة الإنسان، فيجب على الأمة أن تكون منهم طائفة يتفقهون في الدين ليكونوا قدوة للمسلمين، حفظا للشرع من الضياع، والذي يتعين لهذا من الناس من جاد حفظه، وحسن إدراكه، وطابت سجيته، ومن لا فلا".
فتأمل - سددك الله - هذا الكلام من التنقيح، وقارنه بما عزاه السيوطي لابن القصار، فهو بحروفه كما ترى، إلا أنه حذف منه أشياء، وهل من السهولة أن يتفق ترتيب كتاب ابن القصار مع التنقيح للقرافي حتى في عد الأبواب، وترتيب عدها أيضًا، فكتاب الاجتهاد عندهما هو التاسع عشر، وعدد الفصول هي تسعة في الكتابين أيضًا، وعنوان الفصل الثاني والثالث اللذين ذكرهما السيوطي هما نفسهما في كتاب التنقيح، وما ذكراه تحت العنوانين متوافق كما ترى، إلا أن السيوطي حذف منه ما حذف، وهذا يقوي في نفسي أن السيوطي وقف على كتاب التنقيح عليه اسم المقدمة في أصول الفقه، فنقل منه بهذا الاعتبار، وحافظ على عبارة صاحب الكتاب، وإن كان قد حذف من أثنائها ما لا غرض له فيه مما لا يتعلق ببحثه، وهذا لا ينفي أنه نقل ذلك بحروفه؛ لأنه لم يغير شيئًا مما نقله عن حرفه ولفظه.
أضف إلى ذلك ما قدمته لك من نفي الشوشاوي وجود كتاب مستقل