لابن القصار في أصول الفقه، بل حتى إن القرافي في مقدمة كتابه التنقيح أشار إلى أنه اعتمد على كلام ابن القصار في أول تعليقة الخلاف، ولم يذكر أن له مؤلفا خاصا بهذا الموضوع.
ولم يذكر له مترجموه أي كتاب مستقل في أصول الفقه فيما وقفت عليه، لا متقدموهم ولا المتأخرون منهم، فليس إذن لدى من أثبت ذلك إلا نص السيوطي، وهو متأخر جدا عن ابن القصار كما لا يخفاك، وقد رأيت ما أبديته حوله من احتمال قوي أن يكون هو أخذ ذلك من التنقيح أو شرح التنقيح كتب عليه خطأ اسم المقدمة في أصول الفقه.
وليس هذا بعجب فالمقدمة نفسها قد وجدتها في نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية عليها عنوان: الإشارة في أصول الفقه لأبي الوليد الباجي، وقد طبعت أيضًا على هذا الخطأ عن دار الكتب العلمية، وغيرها.
وهذا كله لا يدع عندي مجالا للشك فيما خلصته إليه من هذا البحث، والله أعلم.
أما الدليل الثاني الذي اعتمده الشيخ مخدوم في إثبات أن المقدمة كتاب آخر مستقل فهو قوله: ما نقله القرافي في شرح التنقيح حيث قال: قال ابن القصار: قال مالك: يجب على العوام تقليد المجتهدين في الأحكام، كما يجب على المجتهدين الاجتهاد في أعيان الأدلة، وهو قول جمهور العلماء خلافا لمعتزلة بغداد، وقال الجبائي: يجوز في مسائل الاجتهاد فقط.
قال: فهذا النص الذي نقله القرافي عن ابن القصار غير موجود في هذه المقدمة التي هي جزء من كتابه عيون الأدلة، فدل على التغاير.