للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا يدل على أنه استحباب؛ لأن الإنسان لا يأمن أن تطوف يده في المواضع التي إذا لاقتها يده استقذر أن يدخلها في وضوئه، وتعافته نفسه، كأنفه ومغابنه (١) الغامضة.

فإن قيل: إن هذا التعليل لا يمنع من وجوب ذلك، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ (٢).

وكقوله: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ﴾ (٣).

وكقوله: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ (٤).

ولم يدل ذلك على أن الصلاة ليست بواجبة، وأن اجتناب الخمر ليس بواجب.

قيل له: ليس هذا مما نحن فيه بسبيل؛ لأن الله - تعالى - أوجب علينا الصلاة، ثم وصفها بأنها تفعل ذلك، فكان هذا مؤكدًا لإيجابها، وكذلك ما ذكره مما تفعله الخمر مؤكد لإيجاب اجتنابها، وليس كذلك هاهنا؛ لأنه بيّن أن الغسل لأجل الشك.


(١) المغابن: الأرفاغ، وهي بواطن الأفخاذ عند الحوالب، جمع مَغبَن، من غبن الثوب إذا ثناه وعطفه، وهي معاطف الجلد أيضًا. النهاية (٦٦١).
(٢) سورة العنكبوت، الآية (٤٥).
(٣) سورة المائدة، الآية (٩٠).
(٤) سورة المائدة، الآية (٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>