للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو كان ظاهر الخبر معهم لم يمتنع أن نخصه بدلالة القياس، وذلك أننا قد اتفقنا على أنه لو أحدث بغير النوم وأدخل يده في الماء لم ينجس، وأجزأته الطهارة، والمعنى في ذلك أنه لا يتيقن نجاسة في يده، فكان النوم مثله، أو بعلة أن يده طاهرة وهو منتقض الطهر.

ويجوز أن نُلزم من يوجبه من نوم الليل دون نوم النهار (١) القياسَ على نوم النهار، لعلة أنه قائم من النوم لا يعلم في يده نجاسة (٢)، أو بعلة أنه لو أدخلها في طعام أو شراب غير الماء لم يفسده، ولم يجب غسل يده قبل إدخالها فيه، وكذلك نوم الليل.

فإن قيل: فإنه غسل يده (٣)، وأفعاله على الوجوب (٤).

قيل: لو تجرد عما قارنه من الاعتلال في الخبر (٥)، فدل على أنه على


(١) وهو الإمام أحمد بن حنبل كما تقدم.
(٢) وهذا كله بناء على أن العلة من النهي هو خوف النجاسة، وقيل: هو تعبد لا يعقل معناه، وجنح شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنه "من مبيت يده ملامسة للشيطان، كما ما في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنشق بمنخريه من الماء؛ فإن الشيطان يبيت على خيشومه"، فأمر بالغسل معللًا بمبيت الشيطان على خيشومه، فعلم أن ذلك سبب للغسل عن النجاسة، والحديث معروف.
وقوله: "فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده" يمكن أن يراد به ذلك؛ فتكون هذه العلة من العلل المؤثرة التي شهد لها النص بالاعتبار. والله أعلم". مجموع الفتاوى (٢١/ ٤٤).
(٣) ثبت ذلك من حديث عثمان بن عفان أخرجه البخاري (١٥٠) ومسلم (٢٢٦/ ٣) ومن حديث عبد الله بن زيد أخرجه البخاري (١٨٦) ومسلم (٢٣٥/ ١٨) ومن حديث علي أخرجه أبو داود (١١٢) وليس في واحد من هذه الأحاديث تخصيص ذلك بالنوم.
(٤) وقد ناقش المصنف هذه المسألة في المقدمة من الأصول في الفقه، فراجعها (١/ ٢٨٣).
(٥) أي أن أفعاله على الوجوب لو تجرد مما ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>