للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ففسر ربيعة ذلك (١)، وقال: هو فيمن يتوضأ أو يغتسل ولا ينوي (٢).

فإن قيل: لو أراد الذكر بالقلب لقال: "لا وضوء لمن لم يذكر الله"، فلما قال: "اسم الله" علمنا أنه أراد باللسان.

قيل: لا فرق بين ذلك، فما صح أن يذكره بلسانه صح ذكره بقلبه، وقد قال تعالى: ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ (٣).

وعلى هذا حمل قوله: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ (٤).

قيل في أحد التأويلات: الذكر بالقلب (٥).


(١) أي الحديث السابق وهو: "لا وضوء لمن لا يذكر اسم الله عليه". وهذه الجملة - أعني تفسير ربيعة للحديث - موضعها هاهنا فيه نظر، ولو جاء بها المصنف قبل ذكره للحديث القدسي؛ لكان أليق، خصوصًا وأن الاعتراض الموالي هو على الحديث القدسي، فصارت تلك الجملة مخلة بالترتيب، والله أعلم.
(٢) أخرجه عنه أبو داود (١٠٢) ونقله عنه ابن المنذر في الأوسط (٢/ ١٠) وقال ابن الملقن في البدر (٢/ ٩٢): "واستظهر هذا التأويل الشيخ زكي الدين في مختصر سنن أبي داود". وانظر أيضًا المجموع (٢/ ٣٦٣).
(٣) سورة الأعلى، الآية (١٥).
(٤) سورة الأنعام، الآية (١٢١).
(٥) قال ابن العربي: "فإن قيل: المراد بذكر اسم الله بالقلب؛ لأن الذكر يضاد النسيان، ومحل النسيان القلب، فمحل الذكر القلب. وقد روى البراء بن عازب وغيره عن النبي : "اسم الله على قلب كل مؤمن يسمي أو لم يسم"، ولهذا تجزئه الذبيحة إذا نسي التسمية تعويلًا على ما في قلبه من اسم الله سبحانه.
قلنا: الذكر يكون باللسان، ويكون بالقلب، والذي كانت العرب تفعله تسمية الأصنام والنصب باللسان، فنسخ الله ذلك بذكر الله في الألسنة، واستمر ذلك في الشريعة، حتى قيل لمالك: هل يسمي الله إذا توضأ؟ فقال: أيريد أن يذبح؟ إشارة إلى أن موضع التسمية =

<<  <  ج: ص:  >  >>