للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومفارقة لقوله : "إذا زنى وهو محصن فارجموه" (١)؛ لأن ذلك على طريق الجزاء، ولا خلاف بيننا أن الطهارة ليست جزاء للصلاة.

قيل: إن قولنا: جزاء وجواب للشرط نريد به أن هذا الشيء إنما وجب لأجل كذا وكذا، فنقول: إن الطهارة وجب أن تفعل لأجل الصلاة، وهذا عمدة من الأدلة.

وأيضًا قوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ (٢).

والوضوء من الدين، فيجب أن نخلصه، والإخلاص هو القصد.

فإن قيل: نحن نقول: إن هذا مخلص.

قيل: هذا غلط؛ لأن الإخلاص هو أن يكون العامل ذاكرًا للمخلص له،


(١) ورد بمعناه أحاديث كثيرة، منها حديث ماعز لما أخبر أنه زنى وشهد على نفسه بذلك؛ سأله النبي : أأحصنت؟ قال: نعم، قال اذهبوا به فارجموه. أخرجه البخاري (٦٨١٥) ومسلم (١٦٩١/ ١٦). ومنها حديث الغامدية رجمها لما زنت وهي محصنة، أخرجه مسلم (١٦٩٥/ ٢٢).
ومنها قول عمر : "ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن، إذا قامت البينة، أو كان الحمل، أو الاعتراف". أخرجه البخاري (٦٨٢٩) ومسلم (١٦٩١/ ١٥) ورجم المحصن الزاني محل إجماع. انظر شرح مسلم للنووي (١١/ ١٦٠).
تنبيه: أشار المحقق إلى أثر عمر هذا، وعزا تخريجه لمسلم، ثم قال: "وروى البخاري نحوه في صحيحه".
قلت: بل هو نفسه في الباب الذي عزاه إليه، وإنما ذكره البخاري بطوله، واختصر منه مسلم ذلك اللفظ فقط، بل إن البخاري نفسه اختصره أيضًا في مواضع منها (٦٨٢٩).
(٢) سورة البينة، الآية (٥)، وهكذا أثبت الآية في الأصل ولعل الصواب إثباتها من أولها ليتوافق مع ما بعده، فتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>