للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأعلمنا تعالى أن الأعمال التي أمر بها لا تنفعه ولا تضره، ولا يحصل من ذلك إلا حسن الإخلاص.

دليل: وهو ما روي عن النبي أنه قال: "الوضوء شطر الإيمان" (١)، ثم اتفقنا على أن الإيمان لا يصح إلا بنية وقصد، وكذلك شرطه؛ لأن الشيء إذا كان شرطًا في شيء فكل جزء منه له قسط من الشرط (٢)، وهذا الخبر يدل على أن الوضوء عبادة كالإيمان (٣).

دليل: ما روي عن النبي أنه قال: "لا وضوء لمن يذكر اسم الله عليه" (٤).

ثم قد ثبت - عندنا وعندهم - أن الوضوء يجزئ (٢٨) وإن لم يذكر اسم الله باللسان (٥)، فصح أنه أراد ذكر القلب وهو النية.

فإن قيل: فظاهر هذا يقتضي ذكر الله تعالى، وليس هذا موضع الخلاف، وإنما الخلاف في النية.


(١) أخرجه بهذا اللفظ الترمذي (٣٥١٧)، وقال: "حسن صحيح".
وأخرجه النسائي (٢٤٣٧) وابن ماجه (٢٨٠) بلفظ: "إسباغ الوضوء شطر الإيمان".
وأخرجه مسلم (٢٢٣/ ١) بلفظ: "الطهور شطر الإيمان".
وقد أطال الحافظ ابن رجب في شرحه فأجاد وأفاد. انظر جامع العلوم والحكم (٢٨٤ - ٢٩٨).
(٢) كما أن الطهارة لما كانت شرطًا في صحة الصلاة؛ كان كل جزء من الصلاة له قسط من ذلك الشرط.
(٣) انظر ما تقدم في الصفحة السابقة.
(٤) تقدم تخريجه (٢/ ١٩).
(٥) انظر ما تقدم في المسألة السابقة (٢/ ٢٤ - ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>