للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذكر المضمضة والاستنشاق في الرأس، وجعلهما سنة؛ لأن الفطرة هي السنة، ولاسيما وقد جمع بينهما وبين السنة.

دليل: اتفقنا أنهما غير واجبتين في المرة الثانية والثالثة، بعلة أنهما مضمضة من غير نجاسة.

فإن قيل: فإن النبي تمضمض واستنشق (١)، وأفعاله على الوجوب إلا أن تقوم دلالة (٢).

قيل: قد عارضه قوله: "وإنما لامرئ ما نوى" (٣).


= الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء. قال مصعب بن شيبة - أحد رواته -: "ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة"، وقال وكيع - وهو أحد رواته -: "انتقاص الماء: الاستنجاء".
قلت: وهذا إحدى الأحاديث التي تكلم فيها مع إخراج مسلم لها، ومداره على مصعب بن شيبة، ضعفه أبو حاتم، وقال أحمد: "أحاديثه مناكير".
وللحديث شاهد آخر من حديث عمار، أخرجه أبو داود (٥٥) وابن ماجه (٢٩٤) وأحمد (٤/ ٢٦٤) بلفظ: "إن من الفطرة المضمضة والاستنشاق، فذكر نحوه، ولم يذكر إعفاء اللحية، وزاد: الختان وقال: والانتضاح، ولم يذكر انتقاص الماء. وهو ضعيف، فيه علي بن زيد بن جدعان ضعيف، وفيه انقطاع؛ لأن سلمة بن محمد لم يسمع من جابر، وقال ابن حجر: "وصححه ابن السكن، وهو معلول، ورواه الحاكم والبيهقي من حديث ابن عباس موقوفًا في تفسير قوله تعالى ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ﴾ قال: خمس في الرأس وخمس في الجسد .. فذكرها" التلخيص (١/ ٧٧) وانظر أيضًا البدر المنير (٢/ ٩٨ - ١٠٢).
ثم قال الحافظ بعد تخريجه للحديث: "تنبيه: استدل به الرافعي على أنهما سنة، ولا دلالة في ذلك؛ لأن لفظه: "من الفطرة"، بل ولو ورد: "من السنة"؛ لم ينهض دليلًا على عدم الوجوب؛ لأن المراد به السنة أي الطريقة، لا السنة الاصطلاحي الأصولي".
قلت: وانظر أيضًا المغني (١/ ١٤٥).
(١) تقدم هذا في حديث عثمان وعلي وغيرهما (٢/ ١٣) (٢/ ٤٧).
(٢) انظر ما تقدم في المقدمة من الأصول (١/ ٢٨١).
(٣) تقدم تخريجه (٢/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>