للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد تمضمض النبي ، فإما أن نقول: أفعاله على الوجوب، أو نقول: خرج مخرج البيان، وهذا ذكره أبو داود (١).

قيل: يحتمل أن يكون أراد الكمال، بدليل ما ذكرناه من قوله: "أما أنا فأحثي على رأسي ثلاث حثيات من ماء فإذا أنا قد طهرت" (٢).

فإن قيل: فمن مذهبكم قبول الزيادة.

قيل: إذا كان ذلك في خبر واحد، فأما إذا كان في خبرين وأمكن الاستعمال فهو أولى، فنجيز المضمضة ونستحبها بهذا الخبر، ونجيز تركها بالخبر الآخر؛ لأنه قد تبين في خبرنا ما يجزئ مَن فعله بقوله: "لن تجزئ عبدًا صلاته حتى يسبغ الوضوء، فيغسل وجهه ويديه" (٣).

ولو كان الظاهر معه لقابلناه بخبرنا، أو خصصناه بالقياس الذي تقدم.

وإن استدلوا بما روى زاذان عن علي أن رسول الله قال: "من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها فعل به كذا وكذا من النار" (٤).

وهذا توعد لا يكون إلا على ترك الواجب. قال علي: "فمن ثَم عاديت رأسي، وكان يجز شعره (٥). وهو كما قال: "ويل للأعقاب من النار" (٦).


(١) في سننه برقم (٢٤٢)، والأولى عزوه للصحيحين.
(٢) تقدم تخريجه (٢/ ٥٠).
(٣) تقدم تخريجه (٢/ ٨).
(٤) أخرجه أبو داود (٢٤٩) وصحح الحافظ إسناده في التلخيص (١/ ١٤٢) وقال: "قيل: إنه موقوف"، وانظر أيضًا تنقيح التحقيق (١/ ٣٦٠ - ٣٦١) والإرواء (١٣٣).
(٥) تابع للحديث.
(٦) أخرجه البخاري (٦٠) ومسلم (٢٤٠/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>