للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعصائب: العمائم، والتساخين: الخفاف.

فعلمنا أنه أمرهم بذلك لعذر، وهو البرد الذي وجدوه، فلو كان المسح لغير ذلك جائزًا لم يكن في ذلك فائدة؛ لأنه يكون قد أمرهم بشيء علموا أنه جائز في غير البرد، فلما أمرهم به عند هذا العذر علم أن هذا العذر هو السبب في جواز ذلك (١).

وعلى أن عمائم العرب كانت صغارًا تسمى العصائب، فهي خفاف (٢)، لعل المسح بالماء يصل منها إلى الرأس فيصير ممسوحًا بالماء (٣).


= وقد أثبته البخاري في التاريخ الكبير (٣/ ٢٥٣) ونفى أحمد سماعه منه.
وللحديث طريق آخر عن أبي سلام عن ثوبان، ولفظه: "رأيت رسول الله توضأ ومسح على الخفين وعلى الخمار، يعني العمامة". أخرجه أحمد (٥/ ٢٨١) وإسناده ضعيف، قال الهيثمي في المجمع (١/ ٢٥٨): رواه أحمد والبزار، وفيه عتبة بن أبي أمية، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يروي المقاطيع".
قلت: وله علة أخرى، وهي أبو سلام المذكور اختلف في سماعه من ثوبان، ونفاه ابن معين وابن المديني وأحمد بن حنبل كما في التهذيب (٦/ ٤٠٩) وقال ابن حجر في التقريب (٥٤٥): "ثقة يرسل". وفات المحقق التنبيه على هذه الطريق.
(١) إذا كان المسح عليها كان لعذر كما ذكر المصنف؛ فإنها قرنت بالمسح على الخفين أيضًا، فكان ينبغي أن يقول بعدم جواز المسح على الخفين إلا لعذر البرد ونحوه، "ولا فرق، على أن امرأ لو قال هذا لكان أعذر منهم؛ لأننا قد روينا عن ابن عباس أنه قال في المسح على الخفين: "لو قلتم ذلك في البرد الشديد أو السفر الطويل"، ولم يرو قط عن أحد من الصحابة أنه قال ذلك في المسح على العمامة والخمار، فبطل قول من منع المسح على العمامة والخمار، وصح خلافه للسنن الثابتة، ولأبي بكر، وعمر، وعلي، وأنس، وأم سلمة، وأبي موسى الأشعري، وأبي أمامة، وغيرهم، وللقياس إن كان من أهل القياس". قاله ابن حزم في المحلى (١/ ٣٠٨).
(٢) أي خفيفة، لا جمع خف.
(٣) وعليه فيبنى الأمر على مجرد الترجي والتخمين، وزيادة في النصوص بغير يقين، وتأويل للأخبار على استكراه شديد، ونداء من مكان بعيد، والله ولي التوفيق والتسديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>