للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما ما ذكروه من التجديد والمثل الذي ضربوه له بأن فلانًا جدد ثوبه إذا لبس ثوبًا جديدًا مستأنفًا فقد يجوز أن يكون مثل الأول، أو دونه، أو فوقه؛ لأن الأول قد يكون صفيقًا، والثاني خفيفًا وإن كان جديدًا، فهذا تجديد الوضوء يكون دون الأول؛ لأنه لو لم يفعله لما احتاج إليه، ونحن نعلم أن الإنسان إذا توضأ فغسل وجهه مرة، ثم أعاد الثانية أنها دون الأولى لا محالة، وأنه ربما تساهل فيها؛ لأنه لو لم يفعلها لأجزأته الأولى.

فإن قيل: فإذا كنتم تستعملون الأخبار كلها مع الإمكان، وتجعلون لكل خبر فائدة فقد روي أنه مسح بجميع رأسه (١)، وروي أنه مسح بناصيته (٢)، وروي: مسح بناصيته وعمامته، وروي: مسح على عمامته (٣)، فقولوا كما نقول: إن ذلك كله جائز.

قيل: الصحيح من الأخبار: "مسح بجميع رأسه"، والباقية ضعاف (٤)، وإنما نستعملها إذا تساوت في الصحة (٥).

على أننا قد استعملنا، وقلنا: إذا جاءت هذه الأخبار بفعل وقع شاذًّا (٦) في بعض الأوقات حملناها على ما تقدم ذكره من العذر أو التجديد، ولولاها


(١) كما تقدم في حديث عثمان وعبد الله بن زيد (٢/ ١٣).
(٢) كما تقدم في حديث المغيرة (٢/ ٨٩).
(٣) انظر ما تقدم عن مجموعة من الصحابة (٢/ ٩٦).
(٤) فيه نظر بين، بل الكثير منها صحاح، وبعضها في البخاري ومسلم.
(٥) قال الشوكاني: "والحاصل أنه ثبت المسح على الرأس فقط، وعلى العمامة فقط، وعلى الرأس والعمامة، والكل صحيح ثابت، فقصر الإجزاء على بعض ما ورد لغير موجب ليس من دأب المنصفين". نيل الأوطار (١/ ٢١٩).
(٦) ادعاء الشذوذ مردود بما تقدم من الأحاديث والآثار.

<<  <  ج: ص:  >  >>