للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقفازين (١) لا يجوز المسح عليهما من غير علة (٢)، والمعنى في ذلك: أنه ماسح على حائل دون العضو المأمور بغسله، والممسوح ليس بخف.

فإن قاسوا مسح العمامة على الخفين لعلة أنه عضو يسقط في التيمم، فكل عضو يسقط في التيمم جاز أن يمسح الحائل دونه، وهذا المعنى موجود في الرأس.

قيل: هذا ينتقض في الجنابة؛ لأن الرجل والرأس يسقطان في التيمم عنها، ولا يجوز غسل الحائل دونهما.

وعلى أننا نقول: ليس المعنى ما ذكرتم، ولكن المعنى أنه عضو يلحق في نزع الخف عنه مشقة غالبة؛ لأنه يتكلف نزعه، ولعله ينقطع عن شغله وسفره ورفقته، وليس عليه مشقة غالبة في إدخال يده تحت عمامته، وقد كان للنبي عمامة قِطْرية (٣)، فأدخل يده ومسح ما تحتها (٤)، ألا ترى أن القفازين أشد ضرورة من العمامة؛ لأنه قد يشتد البرد على قوم، ويكون


(١) جمع قفاز: شيء يلبسه نساء العرب في أيديهن يغطي الأصابع والكف والساعد من البرد، ويكون فيه قطن محشو. النهاية (٧٦٤) قلت: وقد صار اليوم يستعمله الرجال والنساء للعلة نفسها.
(٢) إن كان هذا القياس صحيحًا فأبطلوا به المسح على الخفين؛ لأن الرجلين باليدين أشبه منهما بالرأس، فقولوا: كما لا يجوز المسح على القفازين كذلك لا يجوز المسح على الخفين ولا فرق. المحلى (١/ ٣٠٧).
(٣) ضرب من البرود فيه حمرة، ولها أعلام فيها بعض الخشونة، وقيل: هي حلل جياد تحمل من قبل البحرين، وقال الأزهري: في أعراض البحرين قرية يقال لها "قطر"، وأحسب الثياب القطرية نسبت إليها، فكسروا القاف للنسبة وخففوا. النهاية (٧٥٩).
(٤) أخرجه أبو داود (١٤٧) والبيهقي (١/ ١٠٠) من حديث أنس، وقد تقدم بيان ضعفه. وعلى فرض صحته فهو حجة على المصنف؛ إذ فيه: "مسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة".

<<  <  ج: ص:  >  >>