للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وضوءه، ويعلمونه الناس "أنه غسل وجهه ويديه ثلاثًا ثلاثًا، ومسح برأسه مرة واحدة" (١).

ففرق بين الغسل والمسح، وقد تقدم العلم بالتفرقة بينهما من طريق الصورة والهيئة، فلم يكن الفرق بينهما هاهنا إلا في العدد، فإذا تبين أن الفضل في غسل اليدين ثلاثًا تبين أن الفضل في مسح الرأس مرة واحدة، إذ المداومة لا تكون إلا في الأفضل، ويكون مسحه إياه في بعض الأحوال ثلاثًا ليعلم أنه جائز، لئلا يظن ظان أنه لا يجوز (٢).

ويحتمل أن يكون الماء الذي مسح به رأسه جف في يده، وعندنا يجب مسح جميعه (٣)، فاحتاج أن يجدد الماء حتى يتممه بثلاث مسحات (٤)؛ لأن أرض الحجاز حارة، والريح بها تجفف، والمياه قليلة، يشفق الإنسان في استعمالها، فإذا كان هذا محتملًا مع كون لفظ "مسح" لفظ فعل لا يقع إلا على فعلة واحدة لم يترك بهذا المحتمل ظواهر الأحاديث، ومداومته على الفرق بين الغسل والمسح مثل هذا.

ذلك من القياس: اتفقنا في التيمم على المرة الواحدة، والمعنى في ذلك أنه مسح في طهارة، فكل مسح في طهارة مثله، سواء كان مسحًا بماء


= من طريق آخر فيه تثنية مسح الرأس، أخرجه أبو داود (١٢٦) وغيره، لكن قال ابن حجر في التلخيص (١/ ٨٤): "وله عنها طرق وألفاظ مدارها على عبد الله بن محمد بن عقيل، وفيه مقال".
(١) تقدم تخريج كل هذه الأحاديث.
(٢) وكان البيان بالفعل آكد وأقوى في النفوس، وأوضح من القول. انظر المجموع (٢/ ٤٧١).
(٣) انظر ما تقدم في المسألة ما قبل السابقة.
(٤) وإليه يومئ اختيار ابن حجر في الفتح (١/ ٥٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>