للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرأس، إذ لم يذكر الله - تعالى - مما يقارنهما من الأعضاء غيرهما، فإما أن يكونا في العبادة من الوجه أو من الرأس، فمن أثبت لشيء آخر بين الوجه والرأس حكمًا يخالفهما فعليه الدلالة.

فإن قيل على هذا: أليس الفم والأنف من الوجه، وقد سن لهما سنة غير ما في الوجه، وهي المضمضة والاستنشاق (١)، وكذلك إن كانت الأذنان من الرأس كانت لهما سنة في المسح غير ما في الرأس؟

قيل: إن الفم والأنف لما بطن داخلهما سنت لهما سنة المضمضة والاستنشاق، ألا ترى أن ظاهرهما مغسول مع الوجه، ولما كان باطن الأذنين ظاهرًا لم تسن لهم سنة تخالف مسح الرأس؛ لأن المسح يأتي على الظاهر والباطن منهما.

والدليل أيضًا على أنهما من الرأس ما رواه ابن عباس وأبو أمامة عن النبي : "الأذنان من الرأس" (٢).


(١) انظر ما تقدم (٢/ ٥٧).
(٢) حديث ابن عباس أخرجه الدارقطني (١/ ٩٩) والبيهقي في الخلافيات (١/ ٣٦٨) وقال الدارقطني: "تفرد به أبو كامل عن غندر، ووهم عليه فيه، تابعه الربيع بن بدر وهو متروك، عن ابن جريج، والصواب عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن النبي مرسلًا".
قلت: وقد صححه ابن القطان والمنذري والزيلعي وغيرهم، بناء على أن الزيادة من الثقة مقبولة، ولكن رجح ابن حجر أن هذا ليس من هذا الباب، بل هو شاذ تفرد به أبو كامل عن غندر، وخالفه الأثبات الثقات، ورواه عن ابن جريج جماعة عن سليمان مرسلًا؛ مثل وكيع والثوري وصلة بن سليمان وعبد الرزاق وغيرهم، وهم أكثر عددًا، وفيهم من هو أحفظ من غندر". انظر التلخيص (١/ ٩١) ونصب الراية (١/ ١٩).
وقال في النكت: "والعلة فيه من وجهين: إحداهما: أن سماع غندر عن ابن جريج كان بالبصرة، وابن جريج لما حدث بالبصرة حدث بأحاديث وهم فيها، وسماع من سمع منه =

<<  <  ج: ص:  >  >>